515 - حقيقة الرجل الذي إتخذته سيدا لي ...

ـــــــــــــــــ Marchel ـ ــــــــــــــــ

كان المارشال زيغان متكئا على صخرة كبيرة للغاية بينما إستمرت أمواج البحر المظلم في التلاطم والإصطدام بالصخور حوله بشكل عنيف للغاية . كان الصمت والهدوء في هذا المكان شيئا مستحيلا بالطبع مادام هذا البوروس يجلس في الجهة الأخرى على اليمين ...

إستمر الإثنان بإحتساء النبيذ والتدخين طوال الوقت . المارشال كان صامتا تماما بينما كان بوروس مثل مدياع قديم لا يصمت حتى لو حطمته الى ألف قطعة . كان بوروس في هذه اللحظات يمر بنوبة عاطفية غريبة بعض الشيء بينما إستمر في الثرثرة بشكل كان لا يبشر بأي خير. تذكر الإثنان تلك الأيام الخوالي سواء قبل إلتقائهم ببعضهم البعض أو بعدها .

بوروس كان هو أول شخص يلتقي به زيغان في هذا العالم وكان أو شخص ينظم الى جانبه .

أول فرد ينظم الى جماعة الديموس كان هو بوروس هذا نفسه من ذلك العالم المجوف الضعيف . كان يضحك كثيرا لحظة تذكره اللقاء الأول بينه وبين المارشال , فبوروس في ذلك الوقت إتخذ هيأة عصفور ما وظل يراقب المارشال لفترة من الوقت , الى أن تم إلقاء القبض عليه .

ومن لحظتها تغيرت حياة العصفور بالكامل ...

كان في تلك الأيام مجرد مراهق طائش , وهو الأن بالنسبة الى العالم لا يزال أيضا مجرد مراهق طائش كذلك . لكن هذه السنوات التي مر من خلالها في عشيرة الأكاغي غيرت فيه الكثير حتى لو لم يكن الأمر ملحوظا ...

كبر في السن وأصبح في أواخر عشريناته , بينما كبرت ثقافته لتشمل عدة نواحي من الحياة , حظي بمختلف أنواع التجارب رفقة هؤلاء الرفاق الجدد من العشيرة . وكان يتابع من الخلف كيف كانت عجلة قيادة هذه الرحلة تتراقص بين أصابع يدي المارشال ...

لقد كان بوروس أول شخص يقف الى جانب المارشال , وهو بالطبع سيكون واحدا من هؤلاء الذين سيظلون محتفظين على منصبهم الى جانب المارشال . رغم إختفائه عن الأضواء كثيرا في الأونة الأخيرة إلا أنه كان يتابع من الخلف في صمت لا غير . فمن المستحيل الوقوف الى جانب شخص مثل زيغان بتساوي على الإطلاق , وكذلك من الصعب حقا متابعته حتى لو كان الأمر من الخلف ...

هذه الرحلة كانت حقا شيئا متعبا للغاية , فهي حملت في طياتها الكثير والكثير . عشيرة الأكاغي لم تكن مجرد عشيرة تأتي وتقتل هؤلاء من يرفضون الإنظمام لها في حين تأخذ تحت جناحها هؤلاء من قبلوا بها ثم يستمرون في الحياة على ذات النسق..

كان الأمر معقدا جدا أكثر بكثير من مجرد هذه الواجهة التافهة . وفقط شخصيات ذات مستوى قيادي كبير مثل الديموس شعروا بذلك النوع من التعقيدات والمسؤوليات , وبوروس واحد من هؤلاء ...

لقد كان يتداعى بالفعل , وبات من الصعب حقا التعامل مع كل ما يحدث . لقد كان الأمر أكبر من سنه بكثير بعد كل شيء . رحلات كهذه قد تستغرق من الناس الأخرين ألاف السنين أو أكثر حتى !! لكن مع الزخم الذي أحدثه الأكاغي , كان الأمر فقط بضع سنوات حتى وجدوا أنفسهم يقاتلون ضد كائنات عمرت لألاف السنين بالفعل !!......

نظر الملك راغو الى زيغان مع ملامح حملت القليل من الحزن , بينما كانت الملكة الأخرى بجانبه تنظر اليه بنفس الملامح التي كان هو ينظر بها الى زيغان ... إستمرت النساء في إحاطة راغو واحدة تلو الأخرى بينما كان الوضع صامتا الكامل ...

كانت ملامح جميع هذه النساء نفس الشيء , فقط رؤية جلالة الملك راغو في تلك الحالة جعل منهم أكياس على وشك ذرف الدموع بالفعل . كائنات غامضة كملوك عرق الكارثة عمرت لأعداد غير معروفة حتى من السنوات ؟؟

فقط ماذا يكون هذا الشيء الذي سيجعل واحدا من هؤلاء من عاش الحياة بكل خباياها يذرف الدموع ؟؟

سؤال يبدو أحمقا حقا .

" ما الذي حدث له ليصبح هكذا ؟؟ لم يسبق وأن شاهدت في حياتي شخصا فارغا الى هذه الدرجة .

الحياة لم تتغير على الإطلاق , الحياة حقا قاسية ... قاسية للغاية . "

بصوت لطيف حطم الصمت في المكان , جاء تسائل هذه الملكة التي كانت في أحضان راغو . تساؤل حاز على الفور على إنتباه جميع من في هذا المكان الغريب . حتى راغو نفسه ظهر بريق غريب في عينيه وهو يستحضر الكثير من الذكريات حول حياة زيغان . منذ لحظة ولادته على كوكب الأرض الى لحظة جلوسه على تلك الصخرة العملاقة هناك على ذلك الشاطئ الأسود ...

أخرج راغو سيجارة سوداء , وعلى الفور بدأ في التدخين . إرتفع دخان السيجارة ليغطي جل ملامح وجهه وليغطي تلك العيون التي كانت ترى أبعد من الفضاء والزمان أمامها. دخان السيجارة مع الأسف لم يغطي تلك الإبتسامة الحزينة التي ظهرت على وجهه حين كان ينطق بكل ثقل شديد ...

" فووووووووووووو ... ما الذي حدث له هاه !!

..

..

إنه ثورة . "

ثورة ؟؟

الملكات في الجانب لم يفهمن على الإطلاق ما قصده راغو بهذه الكلمات على الإطلاق. حتى من الملكة التي كانت لا تزال في أحظانه رفعت رأسها لألقاء نظرة على وجه الملك وهي تتسائل حول ماذا يفترض بهذا أن يعنيه ؟؟

لكن لحسن الحظ , راغو كان قد بدأ في الحديث وهو يقف من مكانه بشكل مفاجئ :

" لا يجب عليكن التقليل من شأن السيد على الإطلاق . المارشال زيغان شخص لا يمكن لأي منكن مناداته بأشياء مثل إسمه حتى لو كان لا يمانع .

فقط لا تنادوه ...

فقط لا تحتكوا معه في الوقت الراهن ... "

" ليعذر جلالته وقاحة هذه الخادمة . لكنك فقط تتهرب من الإجابة على السؤال الذي طرحته ؟؟

إذا كان جلالته قد إتخذ سيدا , فأنا كخادمة أرغب في معرفة الشيء المميز حول هذا السيد لأتقبل الأمر على الأقل ..."

كلمات جريئة خرجت من فم تلك الملكة , وقفت هي الأخرى من مكانها وإتجهت مباشرة الى أن وقفت خلف راغو مثل أي خادمة عادية . فقط بعد وقوف جميع هذه الخادمات خلف راغو بنفس الطريقة . كان يمكن لهن رؤية تلك الشاشة العملاقة التي كان عليها مشهد مغاير تماما !!؟

" إنه نور ولد وسط الظلام ...

السيد هو شعاع دافئ من الضوء البراق والغامض . ضوء لم يسبق وأن ظهر له مثيل في هذا العالم . لكن الأقدار شائت أن يرتبط شعاع الضوء الدافئ ذاك مع شخص واحد لا غير ...

..

..

والأن , وبما أن السماء سلبته ذلك الشخص . لقد إختفى شعاع الضوء معه كذلك ...

تاركا بذلك مجرد عتمة فارغة وحالكة السواد تحركها نفس الفكرة ... "

إستدار راغو الى الخلف وهو يتفحص فريق الملوك الخاص به بتلك النظرات الغريبة. في حين إنتشر صوته بكل بطء في المكان :

" إنه ثاني شخص في هذا الوجود تسيطر عليه ذات الفكرة منذ الأزل ...

الأن فقط فهمت ما الذي كان يقصده السلف بالوريث ... "

صمت راغو قليلا ليكمل بعدما رمى تلك السيجارة بعيدا :

" الخلق يتشارك في صفة واحدة تتواجد في جميع الكائنات ... الإنتقام .

إذا ما سلبك أحدهم شيئا قريبا منك , سواء شخص مهم من أفراد عائلتك , والدك , والدتك , أو غيرهم .

وسواء سلبك أحدهم شيئا آخر تملكه , يكون الإنتقام هو رد الفعل الطبيعي لكل مخلوق حي . الإنتقام من الجاني ...

لكن عندما تسلبك السماء تلك الأشياء , عندها يسمى بالشيء الطبيعي . عندما تسلبك السماء أحد أفراد عائلتك , يسمى ذلك الموت الطبيعي والنهاية الحتمية لجميع المخلوقات .

من شدة الألم الفضيع الذي عانى منه لحظة فقدانه لوالدته , ذلك الرجل المارشال زيغان قرر الإنتقام ولم ينظر للأمر كما لو أنه شيء عادي يسري على كافة الخلق .

ذلك الرجل قرر الإنتقام من السماء نفسها لأنها سلبته ذلك الشيء الوحيد الذي كان هو النور بالنسبة له .

..

سلبوا منه ذلك النور الخاص به , لذلك هو بدوره قرر سلب نور العالم أجمع ...

..

رغم أنه لا يدرك هذه الحقيقة الأن , إلا أن هذا هو جوهر الهدف الذي يطمح له . هذه هي حقيقة الرجل الذي إتخذته سيدا لي ... "

2021/01/02 · 1,607 مشاهدة · 1236 كلمة
El Marchel-Z
نادي الروايات - 2024